الثلاثاء، يونيو 28





تراءى لي جانبٌ خفي للأحزان ..
قد لا يتضّح لنا عندما يقوم بزيارتنا ثمة حزن ,
الأحزان تُدنينا من بعضنا بشدّة , 
تقرّب مابيننا بشكلٍ أعمق من الأفراح ,
من زعِم أنها مؤلمة فهو غفل عن إكمال عبارته بذكره ما يهدئ هذا الألم و يسكّنه .


* شمس الجطيلي .

الاثنين، يونيو 27




إن الكتابة هبة ربانية ..
تجعل لكل كاتب رؤية متفردة تجاه الحياة ,
تجعله يراها مابين السطور وفراغات الأحرف بعمق يختصر عليه إضطرارية عيش السطحيات .

* شمس الجطيلي .

الأحد، يونيو 26


لها عشرُ أصابع ..
كُل أنملِ لإصبع ينتميْ لأحد أصدقائها ..
بدءًا من الخنصر و إنتهاءً بالإبهام  .. 
ذات صباحٍ إستيقظَت على ألمِ في سبابتها اليُمنى ,
وجدتَها مقضومة و كأنما هُناك من دسّها في فيهِ و لاكها ..
رفعَت رأسها من تأملاتِها لتلك السبابة .. على رنين الهاتف ..
ليخفت من خلالهِ صوت تخنقه العبرات , صوتٌ يخبرها بموتِ ثمّة صديقة .. كانت لها ! 

* شمس الجطيلي .

السبت، يونيو 25





و بالقَصر ذاك ,
تحديداً في الطابق الثالثْ و ( المترفّع ) ..
تحتلُ إحدى زواياه النائية ..
غرفة مهجورة ,
رائحتها ورد ياسمين مستميلٌ بذبولٍ يدل على موته ..
ذابلٌ ميّت , و يطيبُ عبيراً ؟
ممزوجٍ برذاذ تربة الغبار التي تفوح أكثر من الياسمين ..
ذاك المزيج الذي يزكم الأنوف .. غبار و ياسمين !
كيفَ للونِ الورديّ الهادئ أن يجتمع مع ذاك البنّي الداكن !
ههَ !
نسيت بأن أخبرك ..
في هذا القصر ..
توقع كُل شئٍ ياعزيزيْ ..
فـ من المعتاد بأن ترى الأضداد تترادف , و المتناقضات تتشابه !
لا بأس في هذا ..
و في هذهِ الحجرة بالذاتْ ..
حيث الكرسيّ الذي يهزّ مراراً , بالرغم من تلك الشبابيك الموصدةٍ في وجه الريح العنيد ..
و حيث الساعة الرملية التي أستحال رملها إلى طينٍ ملتصقٍ لايمرّر الوقتْ !
و طرف الريشة المرميّة فيْ علبةٍ مغمورةٍ بحبرٍ أزرق رديء مازال رطباً !
ألحفةُ السرير سُكريّة اللون و مخدّتهِ التيْ حُفِرَ وسطُهآ إثَر رأسٍ قد ألقى فيهِ عليها صاحبهُ ذاتَ أرق !
و سراجٌ يتدلى من إحدَى جدرانهآ يخبو و يستضيء رغماً عن أنفِ ذاك الكيروسين الذي فرِغَ !
أقداح شاي البابونج المتكركبة على طاولةٍ خشبيّـةٍ تساقط من حولها كرسيّينْ متناثرةً أجزائهما وَ متكسّرة ..
و صوت فيروز الثقيل المتخم بالأوجاع المحببّة .. يصدح كُل إشراقةِ شمسِ من مذياعٍ يعملُ على أشعتهآ فلا يصمت !
دولابٌ فارغ تماماً بالرغم من رفوفهِ الكثيرَة .. إلّا من صندوقٍ يلتحف اللون السماويّ ..
و تتوزع عليه ورودٌ تشبه ذاك الياسمين مشبعةً بالأحمر الداكن ..
مرآة كبيرة بيضاويّة الشكلْ .. تقابلها طاولة مملوءة بأشياء أنثويّة .. أبرزها أحمر شفاهٍ بلونِ الخوخ قد تقشفّ وَ جفّ ..
لا ترفع إحدى حاجبيك إستنكاراً !!
فلم نبدأ بعد و نخوضْ في وصف تلك الأعجوبة الثآمنة !
الأشياء كلها في هذهِ الغرفة تختلفْ ; فهي تبكيْ و تنوح و تتوجّع فقداً و تحيط بها هالة رماديّـة قاتمة تدل على عزاء تلك الأشياء لمن فقدَت ..
فالحياة لم تدبّ فيها منذ تسعِ وعشرين سنة و إحدى عشر شهراً و ثلاثين يوم وبضع ساعات !
و كيفَ لها أن تدبْ و صاحبتها قد أوصدتْ بابها وَ أخمَدتْ صريرهُ بلا رجوع ..
إن في كُل حجرةٍ و رواقٍ و زاويةٍ في هذا القصر قد حُكِي عنهآ بحكايةٍ تميلُ منها أفواه المستمعين إمتعاضاً !
غداً سيبدأ العام الثلاثين !
بدونِ صاحبته ..
و بدونِ قهوةٍ فجريةٍ يتراقص بخارها مع رذاذِ أمطار المزن الحاتميّة الندى ..
بدونِ ضحكاتها الهادئة التي تولد من فرجة ثغرها الواسعة ..
بدون تمتمات مراهقتها الهامسة بسخطٍ على من ضايقها ..
و بدون بكائها المكتومْ في خنقةِ ليلٍ لا ينتهيْ ..
بدون حياة !
و بدون يومٍ يمُر ..
فـ العيش في هذهِ الغرفة يعتبر موتاً .. فـ كيف يكون العيش مميت ؟
غداً سيبدأ الثلآثون عاماً من اللاشيء ..
حيث تلك الحسناءْ السرمديّـة العذابْ ..
قد عاشت نصف هذه الأعوام .. و تسلّقت روحهآ أعنّـة السماوات السبع بلآ عودَة ..
فـ رحمةً مِن أرحم الراحمين تتبارك عليها وَ تحفّها بأمانِ العزيز سبحانه إلى يوم يبعثون ..


* شمس الجطيلي .



.

الجمعة، يونيو 24






لآ أحتاج شيئاً .. ولا أقترب من زوايا فيها ما يثير غضبَ ضميريْ فأحضى بتوبيخٍ منه ..
و لا أكترث لأي فوضويّة سالبة تنغمر في بحرِ يومياتي فتصيبه بروتينٍ يقتُل كل الأحلام المنحوتةِ في ثرى سمائي ..
لستُ مضطرةً لأن أبكي في كل مرةٍ أستضيق فيها و تحجرني الجهات الأربع بلا خامسة ..
و لستُ مضطرةً أيضًا للتأمل كثيراً في تلكَ الأشياء التيْ تُديرُ ظهري إلى مامضى ..
مادام هناك يومٌ جديد ..
و نبضٌ بالوريد ..
و رآزقٌ من بعيد ..
يعطي جلّ ما أريد ..


* شمس الجطيلي . 

سمّو ;


























إتفقنا أن نتوسدُ السماء يومًا ما , و نلتحف سحابها ..
فهي تنتظرنا عاليًا على مدّ أبصارنا و بُعدها ..
تنتظر أن نفعل ما يجعلنا " نسمو " حتى نلامسها ,
السماء لا تتنزل ياصديقتي .. أبدًا !
نحن من يرقى لها فقط ;) ..


* شمس الجطيلي .

الثلاثاء، يونيو 21





يكُون لأحرف الحكايا رونقًا مختلفًا ,
يكونُ لها تناقضًا يجبرنا على الإنبهار كلما أزددنا قربًا للأدب ..
و كأن الأدب عصفورٌ يلوّح لنا من بعيدٍ بجناحيه قائلًا : " أنا عينُ الرقي " ♥ !

* شمس الجطيلي .

الثلاثاء، يونيو 14






أشتهي وطنًا لا يأبهُ بهجرةِ النوارس و لا يمتصُّ حرارة الصيفِ فيلتهب .
أشتهيهِ باردًا جدًا .
لا أريدهُ أن يكون مكتظاً بالسُكان , الوحدةُ غالبًا ما تأتي بخير !
قليلٌ منها أو الكثير , سيجعلني أقف لهندمةِ أردية روحي إستقبالاً لما سيأتي .
أحبهُ بعيدًا عن ضجيج البشر و دهاليزهم , لا يحتوي غلاً أو ثمة ضغينة .
حينما أكونُ وحدي يالله معَك في وطنٍ معنويّ يسربلهُ كثيرٌ مِن رَاح .
حينما أكونُ وحدي يالله معَك , هذا يُغنيني عن الأرضِ بأسرها .... ولو كانتْ مليئة .


* شمس الجطيلي .

الجمعة، يونيو 3

" رَ فِ يْ قّ "








[ 1 ]

لي رفيقٌ واسع الأفقِ و متفائل , لا يأبهُ ما إذا قالوا له أن السماوات لا تبكي في جفافِ الصيف !


[ 2 ]

رسائلُ رفيقي تتكدّس في صندوق البريد الأحمر المعلّق على عمودٍ خشبي مهترئ , لا أقوى فتحها و لا يقوى ساعي البريد أن يعلّق صندوقًا إضافيًا آخر !


[ 3 ]

مع هذا الرفيق أنسى الحُزن و الكدر , و امتعاض الوجه , و شيئًا من الماضِ .. رُغمًا عني !


[ 4 ]

لرفيقي المُغترب في إيطاليا شقة علوية داخل بناءِ ذي سبعين طابق , على شرفتها ستارٌ شفيـف أبيض قطني , تتدلّى منهُ قطعةُ مسكٍ عربيّ تفوحُ رائحتها كُلما انهمر المطر .


[ 5 ]

قالوا لي : إن الرفقة تندثر كلما ابتعدت الأجساد و لاحَت في السراب .. وددتُ حينها لو أخبرهم بأن رفيقي ملتحمٌ بتفاصيلي لدرجة عدم فقـدانهِ لو ابتعد .


[ 6 ]

رفيقي العنيد لحـوحٌ يحبّ الجدال , أجزم بأني لو ناديتهُ بأسمه لناداني باسمٍ أجهلُه !!


[ 7 ]

مع كل ولوج للشمس محاولةً لتبـديد الدياجير , أستمع لوقع خُطى تختلس الطريق عائدةً من ثمة مكانٍ لا أعلمه , أعتقد أن المكان مسجدٌ و الوقعُ لأقدامِ رفيقي !


[ 8 ]

دكاكينُ الحارة الشرقيّة تقفلُ أبوابها الخشبية كلما عجّت الريح و هبّت .. يُقال بأن دُكان الزاوية الجنوبية انهدم ; بعدما هجرهُ صاحبه " الرفيق " !


[ 9 ]

لرفيقي صديقٌ قديم , دائباً ما يحدثني عنهُ بشغفٍ و عيناه تدمعان ,
ذاتَ مساءٍ باردٍ قال لي : أن جسد صديقه تفحّم إثر حريقٍ بمنجم للفحم كان يعمل فيه , و بعدَ أخر كلمةٍ تحشرج صـوتُ رفيقي , و أختفى مع الدمع .


[ 10 ]

مع هذا الرفيق أغفلُ عن النظر لساعتي اليدوية خشية التأخر عن مُذاكرة إمتحان الغد , و لهذا الرفيق إمتحاناتٌ " ربّانية " لا تتوقفْ بغدٍ أو أمس !


[ 11 ]

لي رفيقٌ يسخر من السياسة , و يعتبرها شطرنجُ الجبابرة الطُـغاة , و الشطرنجُ لُعبة , و رفيقي أكـبرُ من الألعاب : ) !


[ 12 ]

رفيقي صبورٌ حد التبلد , يجلسُ القرفصاء أرضًـا من ألم ينهش خاصرته و وجههُ يحمّر , عندها يبتسم لي بكبرياء قائلًا : هُناك من يعيشُ بنصف جسدٍ فلا بأس !


[ 13 ]

صباحاتُ رفيقي فيروزيّة , في كل مرةٍ أحذرهُ من رصاصٍ يُذاب على إذنه يعِدُني بالتَـرك , و في الصباحِ الآخر يتغنى بمواويل كاظم .. - ألم أقل مُسبقًا بأنه عنيد :/ - !


[ 14 ]

قُبيل كُل ليلةٍ رمضانية , تتشنجّ يديّ رفيقي بعدما يجوبُ أسواق القمح و الخضار حاملًا على أكتافهِ صناديق مملوءة يتصدق بها خفاءً عني ,
و يدلّني على ذلك حُمرة الطماطم العالقة في ثيابه بعدما يعود .


[ 15 ]

أطفالُ البلدةِ يفتقدون رفيقي الغائب , يشبّثون أياديهم الصغيرة في ساقيَّ كُلما رأوني سائلين عنه بضجرٍ طفوليّ مُضحك لكنه يُبكيني .


[ 16 ]

رفيقي هذا أشبه بقنديلِ الليل , يحب الأسحار و يُدمن الإستيقاظ فيها كما لو أنها صُبح .


[ 17 ]

لي رفيقٌ في نهاية كُل أسبوع يبتاع ثوبًا أبيضًا مشبّعًا برائحة البخور يرتديه لصلاةِ الجُمعة .. رفيقي يغضب إذا تأخر عنها , و ذاتَ صباحٍ وبّخني عندما لم أوقظه بعدَ ليلةٍ سَهِر فيها لمرضِه !


[ 18 ]

رفيقي إجتماعيّ جدًا و علاقاتهُ واسعة , فقط جربوا أن تكتبوا اسمهُ نصف كاملٍ في محرّك بحث الشبكة العنكبوتية , و شاهدوا ما ستجدونه عنه !

[ 19 ]

صادقٌ هوَ رفيقي , و يصدّق أي شئٍ يُقال له و لو كان كذبًا , منذ فترةٍ قرأتُ في صحيفةِ مُهملة :
أن أكثر الناسِ تصديقًا هم أكثرهم صدقًا في المشاعرِ و النوايا ..
بعدها عرفتُ لمَ هوَ صادقٌ و مصدِق !

[ 20 ]

لي رفيقٌ يحمل في صدرهِ قلبًا متخماً بالوجع .... و الإخلاص !
في كُل مرةٍ أجلسُ بجانبهِ أستمعُ لنبضاتٍ قلبه ترجف و كأنني بداخله .

[ 21 ]

لرفيقي صندوقٌ أسود حديديّ ضخم , يحتل أقصى زاويةٍ في غرفتهِ ذات الجدرانِ البيضاء , الصندوقُ مُحكم الإغلاق , و رفيقي دومًا يبحثُ عن المفتاح و هو يتدلى معلقًا في ثقبِه !

[ 22 ]

رفيقي ذو هوسٍ بجنودِ درع الجزيرة , يحلُم دائمًا أن يكونَ فردًا منهُم , و أظنّه سيكون !

[ 23 ]

بمناسبة الحديثِ عن الجهاد , ألم أخبركم أن رفيقي يتلقّى توبيخًا طفيفًا في كُل مرةٍ يحزم حقائبه ذاهبًا لتحريرِ القدس و يمنعه من ذلك خوفُ أمّه عليه ؟

[ 24 ]

الرفيق الجيّد هو من يوثق رباط حبلهِ مع الله كي لا يتعقّد و يلتويْ على أقدامهِ أثناء سيرهِ على السراط المستقيم فيقع على ألهبةِ نيران جهنم .

[ 25 ]

للرفقةِ لذة عظيمة أتذوقها بإمتنان لربّ الأقدار الذي وضع هذا الرفيق في دربي , رفيقي جميـلٌ جميـل , و رفقته تجمّله بعيني أكثر .

[ 26 ]

هو رفيقي , و لدربي رفيق , و رفاقهُ كُثر , و رفقتي أكثر بكثير , و رفاقُ رفاقنا مُترافقون , ما بينَ ميلان الراء و إستقامة الفاء و نقطتيّ القاف و انتهاءً بتاء الربط تكمُن المعاني , 
فكل ما سبق ما هو إلا وصفٌ لإستمرارية حياتنا الدُنيا , و ما الدُنيا إلا بدءًا و ختامُها الآخرة .


شمس الجطيلي .