السبت، أبريل 16



لم يعُد المكان مملوءاً كما كان ..
أصبح خالياً .. و موحشاً .. و ذو جوًّ مُكفهر ..
أصبح بارداً .. و ضبابياً .. و ساكناً حدّ الهجر ..
ما كان فيه مِن حياةٍ هوَت ..
و أضمحلّ كُل ذاك الصخب المحبّب على آذآنِ سآكنيه ..
الآذآن التيْ كانت تستمع كما يجب باتت صمّاء ..
فقد ثُقِبت على يدِ الصراخ الأخير .. و أصابها الصمم المُبكِر إثَره ..
كان ماحولي مكتظّ بهم ..
كانوا هنا ..
ومازالوا في أقصى زوايا هذا المكان العتيق ..
تُخيل إليّ وجوههم ! ألمحها في طيوفِ نوافذ الطائراتِ العابرة تلوحُ كُل مساء ..
مازال العطر فواحاً كُلما هبّت هبوب ..
رسائلُ الحنينِ المتخمِ بالوجع تتراكمُ على صندوقٍ مهترئٍ على حوافّ البيبان ..
و دخونُ المسكِ المتصاعدةِ إلى السقف لم تقف ..
رائحة الهيلِ العريق و قهوةِ الصباحِ العربيّة المُرّة ..
و ستائر الحرير الشفيفة تتراقص على أنغامِ المطر المنهمر ..
الإبريقُ مازال يغلي ..
و المدفئة محمرّه بإشتعال ..
الصحونُ مصفوفة بعنايةٍ على طاولةِ الإنتظار المُميت !
و عقارب الساعة المتلاحقةِ ببطء تتوازى دقاتها مع نبض قلبي المنقبض ..
كُلها تدبّ بالحياة !
كُلها مدعاةٌ لـ هيجان شوقيْ ..
كانوا هنا !
يجيئون حين وضوح القمر و يرحلون وقت بزوغ الشمس !
أأعاودُ الصرآخ مرةً أخرى ؟
أخشى أن أذنيْ الثآلثة التي أختلقتهآ بروحي سـ تصيبها عدوى الصدى , فيصيبُني الصمم أكثر و أفقدني معهم بعدها !


< لكُم أن تكذّبوهآ / فهيَ أنثَى أغتالتها غُربة السفرِ عن ذويهآ .. الغائبين !


* شمس الجطيلي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق